Saturday, July 07, 2007

بين ديك وهرة - عودة لقمان - أديب عباسي

بين ديك وهرة


قال الديك لهرة: أمرك عجيب أيتها الهرة: تصيبين الفارة أو العصفور أو خلافهما مما تصطادين من ذوات الأحجار أو الأشجار وتسرعين إلى صغيرك وتلقين بصيدك ذاك بين يديه دون ان يتجاوز طعمه الشهي شفتيك، ولكني أراك تصرخين وتزبئرين وتضربين بالكف إذا ألقى إليك أهل منزلك باللقمة التافهة العجفاء


وجاء صغيرك يهم لكي يأخذها منك. فما ذاك الإيثار العجيب وهذه الأثرة الغريبة تمزجين بينهما هذا المزج؟ أنني لا أفرق بين جيد صيدي ورديئه في إيثار ذوي به على نفسي. فأنا إذا وجدت حبة قمح أو حبات أو قطعة خبز أو ثمرة نسيها أهلها أو طرحوها لفسادها بادرت إلى دعوة زوجاتي وفراخي دون ان أدخر لنفسي شيئاً، فكيف تفسرين عملك ذاك ان يكن له تفسير؟

فأجابت الهرة وقد أغمضت عينيها قليلاً: لا تنس أولاً أيها الديك إننا إلى قريب كنا من أهل الغابة والعائشين على سننها وقوانينها. وكثير منا يعود إلى عيشته تلك راضياً مختاراً ولا يفكر قط بعدها في العودة إلى الحضر لاستجداء اللقمة أو سرقتها بدل أخذها عنوة واقتداراً كما يفعل في الغابة. ثم لا تنس أيها الديك إننا من ذلك القبيل الذي يهز بصولته وجبروته وبطشه أرجاء الغابة، وأعني قبيل الأسود والنمور والفهود وما إليها، وان كنت ترانا نقل عنها حجماً قلة بالغة، ويعترف كرام الناس والعارفون بأقدار ذوي الأقدار بأصلنا هذا، فلا يأبون أن يطلقوا على سيد الغاب لقب الهر. فأنت ترى أننا نرجع إلى أصل أصيل وعرق نبيل وأننا نستطيع ان نعود إلى الغابة في غاية من السهولة واليسر، ومن هنا نستطيع أن نذكر ولا ننسى ذلك الأصل الرفيع وأخلاقه وتقاليده. فاللقمة أو الفم التافهة أو الدسمة تلقى إلينا ألقاء هي سداد من جوع وحسب، ولا تستحق ان ينشأ وليدي على النظر إليها كمنته أمله وغاية سوله، فهي مهما تكن جيدة أو رديئة لا تعدو كونها لقم التسول والاستجداء مما يعزف عنه ذوو العزة والكرامة ولا يقبلونه إلا تحت ضغط الحاجة والضرورة. أما ما يصاد صيداً ويصاب عنوة فهو طعام الحرية والكرامة الذي لا نشتهي شيئاً قبله ولا نؤثر عليه سواه، ولست أرغب في ان أرى صغيري ينظر إلى غير ذلك الصيد نظرة الإعزاز والتفضيل. فهل ترى الآن معنى ما أصنع وأمزج بين ما تدعوه أثرتي وإيثاري؟ فأجاب الديك: أجل، إنني أرى الآن، ونعم ما تصنعين أيتها الهرة، وليتني كنت على مثل ما تقدرين قادراً، إذاً لكفيت بني وذوي وكفيتني مؤونة الاتكال على هؤلاء الناس الذين يطعموننا ويسمنوننا لا حباً بنا وإيثاراً لنا ولكن طمعاً ببيضنا أو لحمنا أو كليهما معاً.

Photo Sharing and Video Hosting at Photobucket

Photo Sharing and Video Hosting at Photobucket

1 comment:

urgent loan said...

Are you looking for a loan to clear off your dept and start up your own Business? have you being going all over yet not able to get a legit loan Company that will loan you? Here is your final solution, We can give you any amount you need provided you are going to pay back within the period of time given without any problem. Apply now and contact us for more details financialserviceoffer876@gmail.com whats-App +918929509036

Post a Comment