سيرة مدينة
تأليف: عبد الرحمن منيف
عدد الاجزاء : 1
سنة النشر : 2001
الطبعة رقم : 2
الناشر : المركز الثقافي العربي
النوع : غلاف عادي، 27×21
صفحة : 247
يحتوى على : صور/رسوم
:النيل والفرات
لا يزال عبد الرحمن منيف يكتب مخططاته بالقلم، وأن اليد ذاتها انتقلت من رسم الحرف إلى رسم الشكل، وهكذا يكون الخط امتداداً لإيقاعات الحسّ وتنقلات العقل والنفس يسير الخط نحو الشكل ويسير الحرف نحو القصد، وهما يقدمان للمتلقي في هذه الأخاديد البصرية متعة للعين
. وسلوى للنفس. وهما من مادة واحدة مختلف في مسارها وتتمدد في غاياتها
لقد اكتشف الفنان مروان قصاب باشي بطريق الصدفة والفصول رسوم عبد الرحمن منيف، فكان حماسه كبيراً لفكرة إخراج "مسيرة مدينة" بهذه الحلة الخاصة التي قدم لها بمقدمة شرحت أبعاداً مهمة، لالتقاء الرسم مع الحرف. تلك الرسوم زادت من روعة الإبداع الروائي إبداعاً فنياً آخر ترجم ومن خلال الرسم حركة النفس الداخلية، والرغبة المغامرة في التعبير اللذان أخذا إيقاعاً ملحاً تصاعد مع عمل عبد الرحمن منيف الروائي وهو لم يتبع مدرسة معينة في رسومه، كما أنه لم يحاول تقليد مذهب دارج ليسير في مساراته المطروحة. بل هو كان يرسم بشكل عفوي وبدافع
. داخلي ملح وخاص
تدور معظم الرسوم حول رواية "سيرة مدينة" وشخوصها، وتبدو لنا هذه الرسوم، بعد التمعن، وكأنها سجل لهؤلاء الأشخاص وأدوارهم المختلفة في مدينة عمان في الأربعينات، والخمسينات، وكأنها تحضير مسرحي خلفي، يأتي من الذكرى وإعادة قراءة سنواته الأولى في المدينة التي أمضى عبد الرحمن منيف جزءاً من طفولته وصباه فيها، وكيف يتذكر بعد نصف قرن من الزمن، حيث ترتبط في ذلك، الذكرى الروائية بالذكرى
. الجسدية والتعبيرية، في استحضار الأشخاص ومعالمهم بالرسم على الورق
،فهذا "عارف الفرّان" و"مختار الشركسي" و"الشيخ سليم" و"الشيخ زكي" وأم علي الشرشوحة و"الجمعان" بعد أن عاد من القدس ، وأم متري
. وأم طاهر التي تراقب الأطفال. وقد نفذ هؤلاء الأشخاص من "خط الحرف" إلى "خط الرسم" واتخذوا مدلولاً جديداً في الذهن
إن الاختزال في التفاصيل الجانبية والواقعية الوصفية، ثم التأكيد على الخاصية والماهية، هو الطابع الأساسي في الرسوم، كأن الكاتب يريد الوصول إلى المركز دون تمهل ويمكن تقسيم الرسوم التي جاءت من كتابة السيرة إلى أربعة أقسام: القسم الأول منها بمثابة "الشجرة العائلية" للرواية، تحمل التكوينات الأساسية لأشخاص الرواية بالأسماء والأماكن مما يعكس لنا صورة هامة وصحيحة عن التحضير الأول، أو القاموس المختصر للرواية، حيث العالم الخاص للكاتب قبل أن يزيح الستار عن مجرى الأحداث. أم القسم الثاني والأكبر، فهو رسوم الأشخاص وإعطاؤهم، بشكل سريع، هوياتهم وسماتهم كما تفرضهم الذاكرة. والقسم الثالث من هذه المجموعة يتناول مشهد المدينة، مكان السيرة، فيخطط، بسرعة أيضاً، الرؤى الباقية في باله عن عمان من ساحات وبيوت أو تجمعات لأشخاص رسمت بسرعة كبيرة، وكأنها وحدة بشرية وجسدية أيام المظاهرات
،والاعتراضات. والقسم الرابع من هذه الرسومات يخرج عن نطاق أشخاص الكتاب، ويستعرض ما يخطر بذهنه من أشخاص يهونه مثل بيكاسو
. وماياكوفسكي وموديلياني، ويعلق تحتها بعض الملاحظات السريعة مثل شبه بيكاسو بماياكوفسكي أو صعوبة الخروج عن إطار موديلياني
وبعد كل هذا فرسوم عبد الرحمن منيف كحروفه... هي خطوط وهي همسة أو صرخة كالجرح أو الندبة، تترك آثارها العميقة، كما يترك الفلاح
. آثار محراثه على الارض، يخترق طبقاتها تاركاً حبّه في أعماقها، لتحمل الخير والحياة في المستقبل
تأليف: عبد الرحمن منيف
عدد الاجزاء : 1
سنة النشر : 2001
الطبعة رقم : 2
الناشر : المركز الثقافي العربي
النوع : غلاف عادي، 27×21
صفحة : 247
يحتوى على : صور/رسوم
:النيل والفرات
لا يزال عبد الرحمن منيف يكتب مخططاته بالقلم، وأن اليد ذاتها انتقلت من رسم الحرف إلى رسم الشكل، وهكذا يكون الخط امتداداً لإيقاعات الحسّ وتنقلات العقل والنفس يسير الخط نحو الشكل ويسير الحرف نحو القصد، وهما يقدمان للمتلقي في هذه الأخاديد البصرية متعة للعين
. وسلوى للنفس. وهما من مادة واحدة مختلف في مسارها وتتمدد في غاياتها
لقد اكتشف الفنان مروان قصاب باشي بطريق الصدفة والفصول رسوم عبد الرحمن منيف، فكان حماسه كبيراً لفكرة إخراج "مسيرة مدينة" بهذه الحلة الخاصة التي قدم لها بمقدمة شرحت أبعاداً مهمة، لالتقاء الرسم مع الحرف. تلك الرسوم زادت من روعة الإبداع الروائي إبداعاً فنياً آخر ترجم ومن خلال الرسم حركة النفس الداخلية، والرغبة المغامرة في التعبير اللذان أخذا إيقاعاً ملحاً تصاعد مع عمل عبد الرحمن منيف الروائي وهو لم يتبع مدرسة معينة في رسومه، كما أنه لم يحاول تقليد مذهب دارج ليسير في مساراته المطروحة. بل هو كان يرسم بشكل عفوي وبدافع
. داخلي ملح وخاص
تدور معظم الرسوم حول رواية "سيرة مدينة" وشخوصها، وتبدو لنا هذه الرسوم، بعد التمعن، وكأنها سجل لهؤلاء الأشخاص وأدوارهم المختلفة في مدينة عمان في الأربعينات، والخمسينات، وكأنها تحضير مسرحي خلفي، يأتي من الذكرى وإعادة قراءة سنواته الأولى في المدينة التي أمضى عبد الرحمن منيف جزءاً من طفولته وصباه فيها، وكيف يتذكر بعد نصف قرن من الزمن، حيث ترتبط في ذلك، الذكرى الروائية بالذكرى
. الجسدية والتعبيرية، في استحضار الأشخاص ومعالمهم بالرسم على الورق
،فهذا "عارف الفرّان" و"مختار الشركسي" و"الشيخ سليم" و"الشيخ زكي" وأم علي الشرشوحة و"الجمعان" بعد أن عاد من القدس ، وأم متري
. وأم طاهر التي تراقب الأطفال. وقد نفذ هؤلاء الأشخاص من "خط الحرف" إلى "خط الرسم" واتخذوا مدلولاً جديداً في الذهن
إن الاختزال في التفاصيل الجانبية والواقعية الوصفية، ثم التأكيد على الخاصية والماهية، هو الطابع الأساسي في الرسوم، كأن الكاتب يريد الوصول إلى المركز دون تمهل ويمكن تقسيم الرسوم التي جاءت من كتابة السيرة إلى أربعة أقسام: القسم الأول منها بمثابة "الشجرة العائلية" للرواية، تحمل التكوينات الأساسية لأشخاص الرواية بالأسماء والأماكن مما يعكس لنا صورة هامة وصحيحة عن التحضير الأول، أو القاموس المختصر للرواية، حيث العالم الخاص للكاتب قبل أن يزيح الستار عن مجرى الأحداث. أم القسم الثاني والأكبر، فهو رسوم الأشخاص وإعطاؤهم، بشكل سريع، هوياتهم وسماتهم كما تفرضهم الذاكرة. والقسم الثالث من هذه المجموعة يتناول مشهد المدينة، مكان السيرة، فيخطط، بسرعة أيضاً، الرؤى الباقية في باله عن عمان من ساحات وبيوت أو تجمعات لأشخاص رسمت بسرعة كبيرة، وكأنها وحدة بشرية وجسدية أيام المظاهرات
،والاعتراضات. والقسم الرابع من هذه الرسومات يخرج عن نطاق أشخاص الكتاب، ويستعرض ما يخطر بذهنه من أشخاص يهونه مثل بيكاسو
. وماياكوفسكي وموديلياني، ويعلق تحتها بعض الملاحظات السريعة مثل شبه بيكاسو بماياكوفسكي أو صعوبة الخروج عن إطار موديلياني
وبعد كل هذا فرسوم عبد الرحمن منيف كحروفه... هي خطوط وهي همسة أو صرخة كالجرح أو الندبة، تترك آثارها العميقة، كما يترك الفلاح
. آثار محراثه على الارض، يخترق طبقاتها تاركاً حبّه في أعماقها، لتحمل الخير والحياة في المستقبل
No comments:
Post a Comment